حبك يا وطن

Monday, April 27, 2009

أفكار مغترب

في كل ليلة ، وتحديدا في منتصف اللليل ، أجلس في غرفة المعيشه للإستمتاع بآخر سيجاره قبل النوم ، وفي كل مره أجلس فيها هنا في نفس مكان كتابتي لهذا الموضوع ، أحدق بالساعه الكبيره نسبيا والتي تكون أمام عيني وأنا أسمع دقات عقاربها وكأنها توحي لي بشيئ ، فيغوص فكري وأغوص معه وتختفي جميع حواسي ماعدا التفكير والعقل.
أفكر وأنا هنا على بعد كل تلك المسافه الشاسعه من موطني وموطن أجدادي الحبيب ، كويت العز والطيبه، تلك البلد التي لم تقصر في حقي أو في حق أي مواطن وسهرت كل تلك الليالي وهي شمعه تحترق من اجل شعبها المخلص والغير مخلص ، ينقسم فكري إلى شخصيتين من وحي الخيال ، الأولى وهي المفضله لدي هي الشخصيه الإيجابيه ، والأخرى أتفاداها دائما وهي الشخصيه السلبيه . تسألني الشخصيه السلبيه عن ما يحدث في البلد من أوضاع سياسيه وإقتصاديه بائسه وكأن العالم إنتها ، فترد عليها شخصيتي الإيجابيه وتقول بأن لكل معضله حل وأن الحل بيدي أنا ، فيرتفع صوت السلبيه بالضحك وكيف أني مواطن حالي من حال أي شخص عادي لا يمكنه تغيير أي شيئ ، ولكن الإيجابيه تصر وتقول بأن كل شخص يستطيع التأثير على المجتمعات من خلال ثقافته وأفكاره التي تنبع من إحساس بالمسؤوليه وليست أفكار جهنميه التي ليس من شأنها إلا الدعايه وكسب الشهره.
في ليلة البارحه ، جلست كعادتي ، فهمست في مخيلتي شخصيتي السلبيه وقالت: ماذا ستفعل يا عبقري زمانك في حال وصولك إلى الكيكة الكبرى ، فأجابتها الإيجابيه بعدة نقاط أنقلها لكم. أولا يا عزيزي لا يجب عليك إطلاق مسمى الكيكة على كرسي مجلس الأمه ، فليس كل من دخل المجلس دخله من أجل المال أو من أجل نصيبه في الكيكه كما تدعي ، فهناك اناس لا يحتاجون لهذا المال ، بل أغلب الشعب الكويتي لا يحتاج لأموال "مسروقه" لأن معيشته في خير ونعمه وليس بحاجه لصدقة أو سرقه من الغير . فقفزت السلبيه مره أخرى، ولكن التعليم متدني بالبلد ولا أحد يستطيع إصلاحه وهو شعار كل من يدخل المجلس لإصلاح التعليم. فقلت بكل هدوء، نعم التعليم متدني لسبب واحد ، ألا وهو تدخل النواب والسياسه بالتعليم ، فلولا تدخل هؤلاء لما تدنت مستويات التعليم في البلد ، فتارة تراهم يركضون وراء الواسطه لإنجاح من ليس لديه القدره على القراءه والكتابه ، وتارة أخرى يوقفون المشاريع الحيويه والدراسات الميدانيه في الوزاره بإستجوابات ركيكه ليس من شأنها إلا المصلحه الشخصيه وتصفية الحسابات وايقاف عجلة التنميه في البلد.
طيب ، ولكن ماذا تقول في قضية شراء الأصوات ، هل راح تشتري الأصوات من الناخبين حتى تصل للمنصب؟ . بالطبع لن أفعل ذلك ، فأنا في حال ترشحي لأي منصب كان، سواء لمنصب كبير أم منصب متواضع ، لا أريد من الشخص أن يختارني بشخصه ، ولكني أريد من ضميره أن يختار من فيه الخير وليس بالضرورة أنا ، فلو تبع كل شخص ضميره في كل إقتراع ، لوجدنا أفضل وأشمل التجمعات والبرلمانات في كل البلاد وليس فقط بالكويت ، ولكن شاء القدر بأن يشتري البعض منهم ذمم الناس المحتاجه والتي تتبع أهواءها وهذا أمر دخيل على مجتمعنا الذي كما قلت بالسابق ليس بحاجه إلى صدقة من أحد لأنه عايش بنعمه وبخير بفضل من الله عز وجل.
أنت إنسان لا فائده منك ، فكلامك لا ينفع ومأخوذ خيره ، فالطيور طارت بأرزاقها والناس عملت الفرعيات وناس إشترت الأصوات وأنت تجلس هنا كعادتك لا فائده منك ، فأجابتها قناعتي الداخليه هذه المره ، مستأذنة من شخصيتي الإيجابيه ، فقالت بأن الأمور المعقده ، والمجتمعات التي طالما اتبعت نظاما مسبقا ، تحتاج إلى تغييرات جذريه ، لا يمكن أن تجدي وتغير من الوضع في ليلة وضحاها ، ولكن لو أن كل إنسان تعقل وتسلح بالمعرفه ولم يبع ذمته ، سيتغير الوضع وسيصبح من وضع سيئ إلى وضع مقبول في ظرف وقت قصير وهكذا..
فأحسست بحرقة شديده في يدي ، فخرجت من تلك الغواصه الفكريه وكأني أرى الجمر يخترق جلد إصبعي وأنا تناسيت السيجاره مندمجا بحوار ساخن مابين أفكاري الداخليه ومابين شخصيات من وحي الخيال تهمس في أذني وعقلي وكأني أرى نفسي في مناظره بين طرفين ، طرف تخريبي وطرف إصلاحي بحت مدعوم بقناعات وضمير، فياترى من سيصبح مثل فكري الإيجابي في هذا البلد المعطاء؟ ومن سيغفل وسيجبر على أن يكون مثل فكري التخريبي لمصالحه الشخصيه؟ أطفأت السيجاره وأنا مبتسم ومتفائل ، وذهبت إلى النوم العميق بعيدا عن الأفكار الوهميه وعن الإطروحات التي ترهق الإنسان، فختمت تلك الليله بالدعاء لبلدي ولوالدي ونفسي ، اللهم إحفظ الكويت وشعبها من كل مكروه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

4 الـتـعـلـيـقـات:

@alhaidar said...

أول شي بطل التدخين .. مضر بالصحة :)

وثاني شي يخوي بحت أصواتنا .. والكل ينادي ويدعي الصح .. لكن بيوم الاقتراع مادري شيصير فينا .. كل واحد خايف من تعصب الثاني فيتمسك بتعصبه !

عسى الله يهدينا ويحفظ كويتنا ..

تحياتي ..

كويــتي لايــعه كبــده said...

الكاتب والشاعر الأمريكي
Edgar Allen Poe
كان لديه نفس الشخصيات الداخلية المتصارعه ولم تجره الا الى الأبداع
واليك
the Raven

كما هي الحال مع الشاعر الأمريكي الآخر
Robert Frost
with
The Road less Traveled


عزيزي الكويتي بالغربة كما نذكرها
لو كان كل الناس سلبيين لما بقي لنا شيء ندافع عنه بالكويت

إبقى كما انت
واعلم ان هناك الكثيرين أمثالك الطيبين
ولو كانوا صامتين بأغلب الاحيان
ويعلوا فوق صوتهم صوت السلبيين

الا اننا موجودون ولن نذهب الى أي مكان

هذا واجب الكويت منا

well_serviceman said...

أحمد الحيدر:
ههه ياخوي شنسوي خلنه نطلع الحره اللي فينه..

وانشاءالله انشوف تغيير هالمره ياخوي ترانه ملينه

أجمعين والله يسمع منك

well_serviceman said...

كويتي :

معلومات جميله.. أول مره أسمعها شاكرلك..

نعم اتمنى أن يكون هناك الكثير من الغيورين على أوطانهم.. ياريت والله

وإنشاءالله الكويت فيها خير وبركه بوجود أمثالكم..

تحياتي